نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجمعة

سلسلة إدارة الأولويات : 1 - 7

  1. لدينا أداتان لديهما وظيفة التوجيه وهما: [الساعة،والبوصلة]. الساعة تمثل مواعيدنا والتزاماتناوكيف نقضي أوقاتنا - أما البوصلة فهي تمثل ما نحمله داخلنا من رؤية، وقيم،ومبادئ وتوجه.أي - باختصار - ما نود إنجازه من أهداف في الحياة بناء على قيمنا.يأتي التعارض عندما نشعر بالفجوة بين "الساعة" و"البوصلة"، أي عندما نجد أن ما نقوم به في ساعاتنا لا يساهم كثيرالا يساهم كثيرا في إنجاز ما تشير إليه "بوصلتنا"، فلنعد النظر، ولنجدد العزم.

  2. في حالة سيطرة "الساعة" على الحياة،يشعر المرء انه أصبح اسيراً للآخرين، فكل ما يقوم به هو مجرد رد فعل تجاه هؤلاء. يحيا حياته محاطا بغلاف من الأعمال الأقل أهمية، دون أن يعطي الأعمال الأهم في حياته الوقت الكافي، ويمضي وكأن كل شيء مكتوب على الجبين، وكأن الغير - الذي يفرض علينا أولوياته- يعيش حياتنا نيابة عنا.

    قد لا نشعر بالثقة في التغيير - ربما لأن لدينا شعور بأن تكلفة التغيير ستكون باهظة،أو لأننا نخاف من المحاولة،لذا نفضل ان نظل قابعين بالعيش في هذه الحالة من عدم التوازن.
    قد يأتي يوم ننتبه فيه إلى الخلل بطريقة درامية، مثل موت عزيز اكتشفنا اننا لم نقضي معه الوقت الكافي، أو زواج على شفا طلاق،أو خبر صحي مروع يقذف بنا إلى منطقة الوعي بأن أسلوبنا في قضاء أوقاتنا لم يكن يتمشى مع أولوياتنا "الحقيقية.

  3. أسلوبنا في استثمار الوقت يقوم على مبدئين:"الطوارئ" و"الأهمية".يعتاد بعضنا العيش يوميا على سياسة معالجة الأزمات، إلى حد أن العيش بهذا الأسلوب اصبح مصدر متعة! فهو رغم الضغط والقلق والإجهاد يشعر بأنه مهم, ونافع وناجح! هذا الانشغال المتواصل يمنحنا الأمان والشعبية، كما أنه مبرر جيد للهروب من مواجهة الأمور الأكثر اهمية في الحياة.إن إدمان الطوارئ أسلوب مدمر، يسد مؤقتا الفجوة التي توجدها الحاجات غير المشبعة، وبدلا من إشباعها فإنه إنما يغذي ذلك الإدمان.

  4. نتعرف اليوم على التصنيف لأنشطتنا حسب الأهمية أو الاستعجال:إذا رسمنا جدولا مربعا يتكون من أربع خانات، يكون المربع الأول للأمر الـ(العاجل+الهام)ومثال انشطته:إتمام عمل له وقت محدد،إصلاح عطل ضروري،إجراء عملية أو إسعاف مريض.هذا المربع يحتاج منا إلى الوقت، فهو ما نصفه بمربع<الإنتاج> في حياتنا، لذا علينا أن نتولى إدارته بنجاح من خلال الاستجابة السريعة، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن بعض الأمور "الهامة" في هذا المربع إنما تحولت إلى طارئة نتيجة تأجيلها أو إهمالها، أو لأننا لم نعد لها ما يكفي من التخطيط الوقائي.

  5. المربع الثاني في جدول الأولويات (ويقع على يسار المربع الأول) يخصص للنشاط الـ(الهام) وهو ما نسميه مربع <الجودة>، حيث من أمثلة نشاطه أن نتوقع المشكلات ونحاول تجنبها،أو نحفز الآخرين،أو نطور مهاراتنا من خلال القراءة أو التدريب،الوقت الذي نستثمره في تربية أبنائنا أو الوقت الذي نقضيه في مساعدة إبن او إبنة في مرحلة هامة من حياتها،التحضير لأشياء مهمة،الوقاية الصحية عن طريق العناية بالغذاء والرياضة مثلا'واستثمار وقت وجهد في بناء علاقات عميقة مع الغير إن إنفاق الوقت في هذا المربع يبني قدراتنا ويقلل مساحة المربع الأول ويخفف من الضغوط والإرهاق والقلق. وميزة هذا المربع أنه لا يتحكم فينا، بل نحن من يتحكم فيه. لذا يمكن وصفه بأنه مربع "قيادة الذات".

  6. [أ-6] المربع الثالث - ويقع تحت الأول -هو شبح المربع الأول، فهو يشمل أمورا "عاجلة" إلا أنها ليست "هامة"، لذلك نسميه مربع <الخداع> إذ أن نغمة "الطوارئ" والعجلة في هذا المربع توجد إحساسا كاذبا بالأهمية لهذه الأمور، وحقيقتها غير ذلك، ولو كان لها أهمية فإنها أهمية لشخص آخر. كثير من المقاطعات والمكالمات الهاتفية، والزيارات غير المجدية تدخل في هذا المربع. فنحن ننفق الكثير من الوقت في هذا المربع لكي نستجيب لأولويات الآخرين أكثر من كونها أولوياتنا. مع ذلك يوجد لدينا شعورا كاذبا وكأننا نعمل في المربع الأول وليس الثالث.

  7. [أ-7]المربع الرابع - ومحله تحت الثاني - فهو يحتوي الأنشطة التي لا تتمع لا بالأهمية ولا بالإلحاح، ولذلك يسمى مربع <الضياع> . هذا المربع لا يستحق وقته، لكننا أحيانا نركض إليه هروبا من فوضى الركض والتقلب بين المربعات الثلاثة الأخرى. ومن أمثلة أنشطته: إدمان مشاهدة برامج التلفزيون التافهة، أنشطة سطحية وغير مجدية.

    هذا المربع لا ينتشلك لترتاح من الأعمال الجادة، بل هو يساعد على تآكلك، وإن كان في البداية يعطيك شعور بالراحة والسعادة. إن التجديد الذي تبحث عنه بمعناه الحقيقي موجود في المربع الثاني: في قضاء وقت في علاقة صحية، أو ترفيه منشط ونافع كالتنزه في هواء طلق، أو مشاهدة برنامج فيه منفعة، أو ممارسة هواية. فهذا ترفيه نشعر بعده بالرضى عن النفس، وهو "التجديد" بمعناه الحقيقي.

ليست هناك تعليقات: