نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الثلاثاء

كثرة الشكوي هل هي مشكلة تربوية ؟

 


كثرة الشكوي هل هي مشكلة تربوية ؟
بقلم د . جاسم المطوع

في هذه الأيام كثيراً ما نسمع الشكوى ممن حولنا عن كل شيء ، بدءاً من الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، مروراً بالازدحام في الطرقات ، فإذا انتهينا من كل المواضيع فإننا نبدأ نشتكي من الجو: إما حار أو بارد أو ممطر !
وكنت أعتقد في البداية أن هذه الصفة (الشكوى) موجودة ومنتشرة في بلدي ومجتمعي فقط ، ولكني ـ وبحكم تنقلي وسفري الكثير ـ بدأتُ أسمع مثل هذه الشكاوي كذلك في دول الخليج العربي والدول العربية ، وكأنها تقليد عربي أصيل متوارث !
وبينما أنا أكتب هذا المقال في الصباح الباكر ـ وكنتُ لحْظَتها في بيروت ـ كنتُ قد استمعتُ بالأمس إلى بعض الأصدقاء وهو يشتكي من غلاء المعيشة ، وصعوبة العيش ، وازدحام الطرقات . وبعدما انتهت الشكاوي بدؤوا يشتكون من الجو ، فتدخلتُ في حديثهم وأنا أقول لهم: إن مثل هذه العادات (التذمر والشكوى) لا نسمعها من اليابانيين عندما نجلس معهم ، مع أن أكثر الطرقات ازدحاماً هي في بلادهم ، ولا نسمعها من الماليزيين مع تميّز بلادهم بالجو الرطب ، ولا نسمعها من السويسري أو البريطاني ، مع أن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة في بلادهم أمرٌ لا يُطاق !
 فهل كثرة شكوانا واستمرار تذمرنا من كل شيء سببها التربية ؟! أم هي عادات وتقاليد؟!  أم هي جزء من الثقافة العربية؟!
نحن نراهم يعملون ولا يشتكون ، ونرى أصدقاءنا وإخواننا يشتكون ولا يعملون ! فجلست أتأمل سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فعلى الرغم من صعوبة العيش وشظفه ، إلا أنه لم يشتكِ من هذا ، وإنما تعامل مع الأحداث الصعبة بروحٍ إيجابية وبرنامجٍ عملي .
وأذكر أثناء زيارتي للسويد ـ ومن يعرف هذا البلد يعلم كيف أنَّ جوها متقلبٌ ، إذ هي كثيرة الأمطار وشديدة البرودة ـ أن الحكومة هناك تبنَّتْ برنامجاً عملياً نفسياً ، بسبب أن بعض أفراد المجتمع بدأ يشتكي من المناخ وتقلباته ، وكان البرنامج قائماً على شعار: (البس ما يناسب الجو يكن الجو جميلاً !) ، وقد تحولت النظرة إلى تقويم الذات بدلاً من انتقاد المناخ ، فمن يشتكِ من البرد فإنه لم يلبس ما يدفئه ، ومن يشتكِ من المطر فإنه لم يلبس ما يقيه من المطر.
ويبقي السؤال مطروحاً : لماذا نحن نكثر الشكوى ؟!   
هل المشكلة في ذواتنا ؟؟ أم في تربيتنا ؟؟ أم في ثقافتنا ؟؟ أم لسبب أنت تعرفه وأنا لا أعرفه ؟


--
د.جاسم محمد المطوع
dr.jasem almutawa
www.e-happyfamily.com

ليست هناك تعليقات: