نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجمعة

الشيطان مسخر للإنسان


أقرأ في وردي من الدعاء، واذا بي أجد فيه عبارة: "اللهم سخر لي نفسي وسخر لي الشيطان .. فأتحير في مقصودها..
البارحة كنت في درس التفسير، وكان يفسر خواتيم سورة الأعراف. وجدت نفسي، ومن خلال الشرح، أشعر اني ربما وقعت على المعنى.. وأحببت أن أشارك فيه

في البداية نضع في ذهننا الأحاديث التالية

الحديث الذي معناه لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون، فيغفر الله لهم.

الحديث الذي في معناه أنكم لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من الذنب ألا وهو 'العجب'

حديث:(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)

فقلت:
فعلا: إن أمر المؤمن "كله" له خير.. فكما أن البلاء والسراء خير للمؤمن، فكذلك الشيطان وضعف المؤمن أحيانا تجاه وساوسه، أو نجاته منها له خير،، إذ كما أن بعض الخلق لا يصلح لإيمانهم الا الفقر، وغيرهم لا يصلح له إلا الغنى.. كذلك فإن بعض المؤمنين لو لم يسقطهم لشيطان لخيف عليهم طغيان النفس بالعجب بإيمانها! فكان لا بد لتلك النفس من ذل المعصية، تعود بعدها منكسرة الى ربها ومقرة بعجزها وفعلها. هذا يكون منتهى العبودية، حتى لئن الله تعالى يضرب الأمثلة إيشادا بتوبة ذلك المذنب وبفرحه بها. بل إن المؤمن ليعود إلى ربه -لا بمحو سيئاته فحسب - بل بتبديلها حسنات، فيعود بعد ذنبه إلى ربه أقرب، ومن نفسه أبعد وأهرب، وبرصيد من الحسنات أعظم!!

ومن ذاقت منا لذة أول أيامها في التعرف على الله، في أول أيام تدينها أو تقربها إلى الله، فتتذكرها بشوق، تجد أن لحظة توبتها تجدد الإيمان في قلبها بمشاعر أقرب ما تكون الى تلك العاطفة الأولى! فكان ذلك الوسواس وذلك الانقياد خيرا له!

وأما من لا يرى لنفسه عمل مهما عمل، ويرى تقصيره في قمة طاعته، فذاك فكسيدنا عمر الذي -على عظم ما قدم - كان يود لو غادر هذه الدنيا لا له ولا عليه. فهذا الذي إذا سلك فجا سلك الشيطان فجا آخر! وكانت تلك السلامة أليق به، لأنه رآها حقيقة (لا نطقا فقط) على انها من الله لا من نفسه العاجزة، فشكره، فكانت خيرا له!

فالشيطان قد سخره الله للانسان للمؤمن في صورة شر، كما أن البلاء خير له في صورة أذى.. غير أننا مأمورون بتوقي الشيطان بالاستعاذة منه وطلب السلامة، كما أمرنا بتوقي البلاء وسؤال العافية من الله.

وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تتمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموه فاثبتوا)


هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

لكن
هل الدعاء الذى بنى عليه المقال هو دعاء ثابت ؟
شكرا

غير معرف يقول...

إن كان المقصود هل هو دعاء ماثور، فلا أظنه كذلك، لكن باب الدعاء مفتوح، وإن لم يكن دعاء مأثور فهو حتما مذكور، وكنت أقراه ضمن وردي.
ولك الشكر

غير معرف يقول...

نعم فعلا
للإنسان الحق فى أن يدعو بأى شىء
حتى ولو لم يكن مأثورا

لكن
إذا كان ما يدعو به محل جدل و عدم فهم و لم يسبق أن دعا به أحد
فهنا نحتكم إلى الدعاء المأثور عن النبى و صحابته أو حتى التابعين

والدعاء بتسخير الشيطان
لم نسمعه أبدا من قبل

و من ناحية المعنى
فالمعهود أن التسخير يكون للأشياء النافعة كالبحر و الجبال و الفلك

أما تسخير الشيطان فهو مما اختص به الله سبحانه سيدنا سليمان
و سؤال الله ذلك يعتبر فيما أرى اعتداء و مجاوزة للحد فى الدعاء
والله أعلم