هذه خاطرة للأخت أم المثنى، سعاد الولايتي، حفظها الله تعالى، أحببت
أشارك القراء بها
يقول الشيخ أحمد السرهندي رحمه الله تعالى:
واعلم ان لذة الدنيا وألمها على قسمين: جسماني وروحاني. فكل لذة للجسم
فيها ألم للروح، وكل لذة للروح فيها ألم للجسم. فالروح والجسم ضدان!
ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن الروح حين خلقها الله تعالى كانت قريبة من
الله تعالى وفطرتها سليمة، لكن حين أودعها الله تعالى الجسد تعلقت به
وأخذت أحكامه، فصارت تتلذذ بتلذذه وتتألم بألمه.
وهذه مرتبة العوام وعنها قال تعالى (ثم رددناه أسفل سافلين) وهكذا فإن كل
استجابة منا لشهوة من الشهوات من مطعم أو ملبس أو حب جاه أو رياسة أو
مدح.... كلها تسبب ألما للروح التي تتطلع باستمرار للعودة لنشأتها
الاولى، ألا وهي القرب من الله. وعلى الصعيد الآخر، فإن كل مجاهدة للنفس
كحرمان من شهوة، أو إرغام على طاعة كنفل أو خلق كريم يسبب ألما للجسد،
لكنه يسعد الروح ويرقيها، وكلما ازدادت آلام الجسد كلما ازداد ترقي
الروح. ولكن علينا ان ننتبه أن الروح لما طال حبسها في الجسد، وبعد عهدها
بنشأته الاولى اختلط عليها الأمر، فصارت تظن ألمها لذة ولذتها ألم،
كالمريض بعلة الصفراء إذا سقيته شرابا حلوا وجده مرا بحكم مرضه. فهذا ما
يشعر به المؤمن حيال المصائب والابتلاءات. ولو أنه تفكر جيدا لوجد انه
لولا الألم والمصيبة لصارت الدنيا لا قيمة لها، ففي المصائب نفع لنا
..بها نؤجر، ومن خلالها تترقي أرواحنا، وإلا كيف يتحقق لنا ذلك من دون
الابتلاءات ؟!!
ثم اننا نفتقر لصدق النية في كثير من الأعمال التي نقوم بها، فقد نقيم
وليمة لبعض الأقارب ظانين أن نيتنا في ذلك صلة الرحم، بينما نحن نقصد أن
نريهم المنزل الفخم الذي نقيم به، أو تكون نيتنا أن نسمع مدحا على كرمنا.
وقد تغيث محتاجا وتظن أن نيتك في ذلك إغاثة أخيك المسلم وفي الواقع أنك
ترمي لكسب الثناء والمدح على شجاعتك وكرمك.
في تلك الامثلة وما شابهها يطّلع الله تعالى على نيتك، ويعلم عدم صدقك،
ويعلم انك غير قادر على تصحيح النية، فيريد أن ينبّهك ويرشدك لذلك، فيسلط
بعضهم ليذم وليمتك ويعيب طعامك، فتتألم لذلك ويحصل لك انكسار في القلب،
وبهذا الانكسار تصح نيتك، فيتقبل الله تعالى ذلك العمل الذي قمت به!
وهكذا تجد أن الألم النفسي الذي شعرت به قد عاد عليك بالنفع فتتأدب مع
مولاك مستقبلا.
وكل عام وأنتم بخير.
أم المثنى.
الجمعة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق