§ إن السكك الحديدية والطيارات قد أعطتنا السرعة وتوفير الوقت، ولكن ما فائدة ذلك؟...ولماذا السرعة؟ ...ولماذا توفير الوقت؟!...كأنما قد هبطت علينا شياطين تلهب ظهورنا بالسياط!...وما نحن إلا قطرات ماء في نهر الحياة...ما حظنا من سرعة التيار واندفاعه إلى البحر؟ ...إنما حظنا الأكبر: في التمهل حول الأعشاب الناتئة والسكون عند الشواطئ والجزر، يداعبنا النسيم!
§ إننا اليوم نفرح بكلمة السرعة، وننسى أنها ليست سوى إغفاءة، نقضيها في عربة قطار، يمرق بنا في نفق مظلم، ويوصلنا في وقت قليل إلى حيث أردنا. ولكنا لا نعرف بعد ذلك ماذا نصنع بالوقت الباقي، فننفقه في الحمق والسخف...إن الطبيعة لتنتقم، وإن كل وقت يسرق منا لا نجد له سوقا ننفقه فيه، إلا غير سوق النخاسة الخلقية، والانحطاط الآدمي!
من كتاب "عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق