هذا الحديث أدب من الآداب العظيمة، وهو صنو حديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
من جهة أنه أصل في الآداب العامة، وهذا الحديث دل على أن من صفات المؤمن بالله وباليوم الآخر، الذي يخاف الله ويتقيه، ويخاف ما يحصل له في اليوم الآخر، ويرجو أن يكون ناجيا في اليوم الآخر، أن من صفاته أنه يقول الخير أو يصمت.
وقد قال -جل وعلا-: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
.
فهذا الحديث فيه: فليقل خيرا
إذن فقول الخير متعلق بالثلاثة التي في آية النساء قال:
إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
فالصدقة واضحة والإصلاح أيضا واضح، والمعروف هو ما عرف حسنه في الشريعة، ويدخل في ذلك جميع الأمر بالواجبات والمستحبات، وجميع النهي عن المحرمات والمكروهات، وتعليم العلم والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. .. إلخ.
فإذن ما خرج عن هذه فإنه ليس فيها خير، وقد تكون من المباحة، وقد تكون من المكروهة، وإذا كان كذلك فالاختيار أن يصمت.
لا شك أن الواحد منا في بداية تعرفه على الشبكة يؤخذ بسحرها وبضخامة المعلومات المتوفرة وسهولة تناولها، ويصير كالطفل في محل الألعاب يتنقل من صفحة إلى صفحة، لا يدري أين يبدأ ولا ما يختار.. لكن بعد أن يأخذ الإعجاب الأولي وقته، وتهدأ النفس وتستقر من هول المفاجأة ينبغي أن يستعيد الإنسان اتزانه، ويأخذ خطوة للوراء يقيّم فيها الوضع في تعامله مع الشبكة عن بُعد:
ما الذي يريده منها؟ وما هي أولوياته؟ ما الذي يناسبه وما الذي ينفعه؟
ثم يبدأ باتخاذ بعض القرارات في تعامله مع هذه الخدمة، من صفحات أو رسائل، فيعلم أنه مسئول عما يقرأ، وما يرسل، وما يقضي وقته فيه، وأنه يملك الاختيار، وليس مجبرا على قراءة كل ما يرسل إليه... بل يستخدم زر [الحذف] كما يستخدم زر [الحفظ] !!!
اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق