العطلة بالنسبة إلى هي فرصة لقراءات لا تتاح لي خلال السنة، فالسفر والابتعاد عن المألوف وعن الواجبات المعتادة، وتوفر الفراغ الهاديء، كل ذلك يفتح قرائح الذهن، ويوسع أبواب التأمل والتفكر فيما أقرأ وارى وأسمع.
قبل قليل انتهيت من قراءة كتاب كان يجدر بي أن اقرأه فور صدوره قبل ثلاث سنوات، ولست أدري سبب ترددي وتأخري في ذلك رغم كثير ما سمعت عنه، ورغم أني نادرا ما دخلت مكتبة لبيع الكتب إلا ووجدت غلافه يناديني ويدعوني للقراءته!!
عنوان الكتاب: " ثلاث أكواب من الشاي" يرمز عنوانه إلى تقليد من تقاليد أهل جبال الباكستان في تقديم الشاي للضيف، أول كوب يقدم للغريب، والثاني، للصديق، والثالث لمن يعتبرونه فرد من أسرتهم ويفتدونه بأنفسهم."
ذكرني الكتاب بحديث، وبإنسان، وبتاريخ:
أما الحديث: فقوله صلى الله عليه وسلم:(اعملوا فكل ميسر لما خلق له) وكل منا كذلك، مسلما كان أو غير مسلم. فهذا رجل ذهب ليتسلق أعلى قمة في جبال الباكستان، وانتهى به الأمر إلى أن سخّر حياته وحياة أسرته- أو سخّره الله تعالى- لبناء المدارس لأطفال القرى النائية في أنحاء الباكستان وأفغانستان، والتي لا تكاد تصل إليها حتى حكوماتها!
أما الإنسان: فالدكتور عبد الرحمن السميط حفظه الله تعالى مؤسس "لجنة أقريقيا" في دولة الكويت، والتي توسعت الآن بفضل جهاده وجهوده حتى صارت
لجنة إغاثة عالمية باسم "جمعية العون". فهذا طبيب باطني حوّل مسار حياته، وحياة أسرته إلى القيام بخدمة عيال الله تعالى في أفريقيا، هذه القارة المضطهدة في عالمنا الذي لا يعرف سوى الاستغلال والاستعمار، والرسول صلى الله عليه وسلم قال:(الخلق عيال الله تعالى، وأحبكم إلى الله تعالى أنفعكم لعياله.)
أما التاريخ: فتاريخ أمتنا، والتي نشأ من خلال الإيمان بفكرة، وهي التوحيد، والجهاد في سبيل تلك الفكرة، وفي سبيل حملها إلى مشارق الأرض ومغاربها، وبذل النفس، والراحة، والدعة، والاستقرار، وحمل الأرواح على الأكف، كل ذلك في سبيل "فكرة" آمن بها المسلمون الأوائل.
وقد كان العربي منهم متعصبا لأرضه، بل لقبيلته، ولا يكاد يغادر قومه طيله حياته لشدة تمسكه وفخره بجذوره. فلما آمن، تخلى عن كل أثقاله وأفكاره، بل وحمل أهله معه وجاهد وهاجر، وسكن البلاد، ونشر دينه بين العباد، فخلف لنا هذه الأمة التي تنتشر في مشارق الأرض ومغاربها، أبيضها وأسودها، أحمرها وأصفرها، حتى وصل الإيمان بالله إلى أدغال أفريقيا، وأعلى قمم الهندوكوش والكاراكورام على حدود الصين، والتي يعجز المرء للوصول إليها اليوم رغم كل وسائل المواصلات والاتصالات الحديثة.
أشكر صاحب هذا العمل على ما يقوم به من خدمة الإنسانية، والمسلمين، ولما يقدمه عمله وكتابه هذا لأمثالي من الإلهام والأمل والتفاؤل ببقاء الخير في
هذا العالم ما بقى أمثاله من البشر، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله، وأسأل الله أن يجازيه بحسن الختام له ولمن يحب.
كما أنصح من يتقن الإنجليزية بقراءة الكتاب، وأرجو من مكتية جرير أو غيرها من الدور العربية المتخصصة بالترجمة بالإسراع بتوفير نسخة مترجمة إلى العربية، فمن المؤسف أن أطلع على الترجمات المتوفرة للكتاب، فأجد ترجمة إلى اللغة العبرية والصينية من ضمن ما أجد، ولا أعثر على ذكر لنسخة باللغة العربية.
ومن أحب زيارة الموقع والاطلاع على بعض الصور، فإليكم الرابط:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق