نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجمعة

صفاء الروح من الكدورات

الإنسان في الأصل خلق ليكون عبد للحق مشرفا على صفات جلاله وجماله، إلا أن النفس الأمارة بالسوء والشيطان يكدران هذه المياه الصافية بآثار الشهوات وكدر الأهواء، حتى تتحول أعماق الإنسان إلى ما هو أشبه بالمستنقعات الموحلة.
والمصيبة أن يفقد الإنسان الاحساس،ويرى في نتن تلك المستنقعات خيرا ويشم منه روائح يستطيبها، عندها يكون القلب قد ضرب عليه بغشاوة لا كاشف لها إلا الله. أما الأنبياء والأولياء فهم ماء صاف، ينبع من المنبع الأصلي للمياه الصافية، وهم يأتون من رحمة الحق ليذكروا الإنسان بأصل ماءه الصافي وروحه النقية.
كلما أوغل الإنسان في المعاصي،وكلما أسرف في تدليل حواسه المادية وغرائزه، كلما تكدرت مياهه الداخلية وغابت عنه صورة الحق، وإشباع حواس الجسم إنما يكون على حساب إسباع حواس الروح. لذلك طلب منا الحق أن نضبط حواسنا الخارجية ولا نقلبها في متاع الدنيا، وأن ننمي حواسنا الروحية ونغذيها حتى لا تتكدر مياهنا الداخلية، فلا نعود نرى من خلالها جوهر الحقائق(لا نرى الأمور على حقيقتها).
الحياة حلوة خضرة ولكنها مليئة بالأفخاخ، وعلى الطائر الذي لا يريد أن يعلق في أفخاخها أن يحلق عاليا في سماء الروح من دون أن يفكر لحظة في أن يستريح على شجرة من أشجار الزقوم! فالأفخاخ تنتظر كل طائر يتعب من التحليق أو تروق له خضرة شجرة من أشجار الزقوم، فإذا به يجد نفسه في جهنم.
عليك أن تدرب نفسك ومن تحب على التحليق الدائم بدون تعب حتى لا تقع أو يقع من معك في فخ لا يستطيع منه خلاصا، وعندما تعلق في فخ لن تجد إلا الشيطان يخلصك منه ليبقيك إلى قبضته، فلا يتركك إلا وأنت في جهنم، إلا أن يتغمدك الحق برحمة منه.
من يعد منا إلى أصل مياهه الصافية فيتعهدها بالتنقية والتصفية والحماية والصيانة يفوز فوز الدرين. وليست بيوتنا بأولى بالتعهد من أروحنا.
[مدونة تأملات] tasbeeh33.blogspot.com

ليست هناك تعليقات: