نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأحد

مقال الوطن:- أباؤنا وأبناؤنا - سعاد الولايتي

أستضيف اليوم رائعة أخرى  من روائع أختي أم المثنى (سعاد الولايتي)، مقالتها التالية:

آباؤنا وأبناؤنا
          تحدث الأديب النمساوي الشهير ستيفان زيفايج، والذي يعتبر بحق عميد الأدب النمساوي في كتابه "عالم الامس "، الذي حوي سيرة حياته عن ثراء والده حين كان ستيفان طفلا، فقد كانت النمسا في أواخر القرن التاسع عشر تتمتع برخاء مادي وأمني وفني واجتماعي مذهل، وذكر كيف أن والده مع ثرائه كان يعيش حياة عادية خلت من الرفاهية المبالغ فيها ليس لبخله كما يشاع عن اليهود، اذ ينتمي الكاتب لعائلة يهودية، بل لأن ذلك كان سمة أغلب أفراد ذلك الجيل الذين كانوا يرفعون شعار "التمتع بإمتلاك الثروة لا بإظهارها" ومن ثم ألزم والده نفسه بنمط العيش المريح المتحرز المتحفظ. انتهى)
ذكرني ما كتبه الكاتب بما كنت ألحظه في جيل آبائنا الذين أقبلت عليهم الدنيا في أواخر الستينات والسبعينات ، ومع ذلك ظل أغلبهم يعيش حياة عادية، خلت من مظاهر البذخ، وكنت أظن ان هذه الظاهرة قاصرة على مجتمعنا فقط، لكن يبدو انها كانت من سمات ذلك الجيل في العالم بأسره، فكنت تدخل بيت الغني وبيت الفقير فلا تكاد ترى فرقا يذكر، وربما فروقا بسيطة في بعض الأحيان، ونفس الحال فيما يتعلق بسيارة كل منهما، بل لقد كان بعض الغرباء عن البلد حين يزور غنيا في بيته المتواضع يتأثر لما يراه فيه من بساطة العيش، وربما عرض عليه قرضا أو مساعدة مالية! جدير بالقول ان جيل آبائنا كان جيل القناعة، وبساطة المعيشة، أكثر منه جيلا حريصا على التمتع برفاهية العيش من ملبس ومسكن
.
     بعد جيل الآباء جاء دور جيلنا الذي امتعض من التقشف المبالغ فيه على حد رأيه من قبل آبائنا، ورأى أنه ينبغي التمتع أكثر بوسائل الرفاهية المتاحة، من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن، ووسائل انتقال، ومواكبة الحياة في تطورها، ومن ثم لاضيرمن التوسع في انفاق المال باعتدال، ورفعنا شعار" لا افراط ولا تفريط وخير الامور الوسط"، ولم يخطر ببالنا قط ان أبنائنا سيضربون بشعارنا ذاك الذي رأينا فيه عين الحكمة والعقل عرض الحائط، وأنهم سيستبدولونه بشعارجديد هو" أنا ومن بعدي الطوفان" وأنهم سيصرون على العيش بمستوى أعلى بكثير من دخلهم ودخل أسرهم، وهكذا شاء القدر ان نتعامل مع جيل كل همه التمتع بالحياة بصورها المختلفة حتى لو أوقعه ذلك النمط من العيش في مشاكل وديون، وبالطبع لن يكون وحده في معاناة تلك الديون، بل اضطروا أباءهم  لمشاركتهم فيها رغما عن أنفها، وجروهم اليها جرا، وهكذا صار ابن الفقير يملك نفس السيارة التي يملكها ابن الغني، ولسان حالهم يقول كلنا عباد الله، وسنقف سواسية أمامه يوم القيامة، ومن ثم لا يجب أن يكون هناك فرق بين طبقات المجتمع وبذلك صاروا من حيث لا يدرون، أو يقصدون من أشد أنصارالماركسية التي دعت للمساواة، وازالة الطبقية!!
         سعاد الولايتي 



 

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

السلام عليكم

كل جيل وتحكمه ظروفه وباختلاف الظروف والاجيال نشوف التناقض،،، الاباء عندهم خبره وتقدير للماده لانهم ذاقوا

اما مسالة المبالغة بالصرف للجيل هذا فهي مسالة وعي مع العمر والتجارب يتعلم الادمي
يعني ينطق على راسه حتى يستوعب ان الفلس عزيز :) والنعمه ما قول زواله بل دواره ؟؟؟

كلام عن تجربه