نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السبت

مقتطفات من كتاب "النبي" لجبران

جلست أقرأ في كتاب "النبي" لجبران خليل جبران، فخطر في نفسي أن أشارك المدونة بتلخيص لأجمل ما وجدت فيه:
أساس القصة مبني على شخصية الحكيم الذي يعيش في غربة. وفي يوم من الأيام تصل السفينة لتبحر به إلى وطنه، فيأتي أهل بلدته التي يقيم فيها لوداعه ولاستنصاحه والنهل من حكمته، فيستفسر كل واحد منهم عن قضية تهمه، ليطرح الحكيم فيها رأيه. وإليكم أهم القضايا وأجمل ما قال الحكيم في كل قضية.
في الزواج:
أحبوا بعضكم..غنّوا وارقصوا معا، وكونوا فرحين أبدا، ولكن فليكن كل منكم وحده.كما أن أوتار القيثارة يقوم كل واحد منها وحده ولكنها جميعا تخرج نغما واحدا، قفوا معا، ولكن، لا يقرب أحدكم من الآخر كثيرا، لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين.
في الأبناء:
أبناءكم... مع انهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكا لكم. في طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم، ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم..هي تقطن في مساكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه ولا في أحلامكم. أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم.والرامي(وهو الله تعالى) كما يحب السهم الذي يطير من قوسه، كذلك يحب القوس التي "تثبت" بين يديه.(الوالدين حين يؤديان مهمتهما برضى)
في الغذاء:
* إذ ذبحت حيوانا فقل في قلبك: "عندما تحين ساعتي سأحترق مثلك..لأن الشريعة التي أسلمتك إلى يدي ستسلمني إلى يدي من هو أقوى مني.."
* اذا نهشت تفاحة فقل: إن بذورها ستعيش في جسدي، وسيتصاعد عبيرها مع أنفاسي..
في السعي والحركة:
* الحياه تكون ظلمة حالكة إذا لم ترافقها الحركة، والحركة لا بركة فيها إن لم ترافقها المعرفة، والمعرفه عقيمة إن لم يرافقها العمل، والعمل بلا ثمر إن لم يقترن بالمحبة.
* فما هو العمل المقرون بالمحبة؟ هو أن تضع في كل عمل من أعمالك نسمة من روحك، لا تقل: "عمل أكرم من عمل"، فإن الريح لا تخاطب السنديانة الجبارة بلهجة أحلى من اللهجة التي تخاطب بها أحقر أعشاب الأرض!
* إذا لم تقدر أن تشتغل بمحبة، فالأجدر أن تترك عملك وتجلس تلتمس صدقة من المشتغلين بفرح وطمأنينة..لأنك إذا خبزت خبزا وأنت لا تجد لذة في عملك، فإنما تخبز خبزا علقما لا يشبع سوى نصف جوع الانسان.
في الفرح والترح:
* إن فرحكم هو ترحكم ساخرا
* كلما أعمل وحش الحزن أنيابه في أجسادكم تضاعَفَ الفرح في أعماق قلوبكم...أليست القيثارة التي تزيد في طمأنينة أرواحكم هي نفس الخشب الذي قُطِّع بالفؤوس؟
* الفرح والتَّرَح: إنهما توأمان لا ينفصلان، فإذا جلس أحدهما إلى مائدتكم، فلا يغيب عن أذهانكم أن رفيقه يكون حينئذ مضطجعا على أسرتكم.
* إنكم بالحقيقة معلَّقون ككفتي الميزان بين ترحكم وفرحكم، وأنتم بينهما متحركون أبدا، ولا تقف حركتكم إلا إذا كنتم فارغين في أعماقكم.
في المسكن:
* ماذا تملكون في هذه البيوت؟ هل عندكم السلام؟ هل عندكم الذكريات؟ هل عندكم الجمال؟ أم عندكم الرفاهية فقط، والتحرق للرفاهية الممزوج بالطمع، الرفاهية التي تدخل البيت ضيفا، ثم لا تلبث أن تصير مضيفا،،،فسيدا عاتيا عنيفا؟!!
* ليست البيوت سوى "قشرة" تضاف إلى قشرة الأجساد، فتحجب عن الإنسان أسرار الحياة.
في العقل والعاطفة:
* العقل إذا استقل بالسلطان على الجسد قيّد عواطفه، كما أن العاطفة إذا لم يرافقها عقل كانت لهيبا يتأجج ليفنيها
*أرغب إليكم أن تساووا بين العقل والعاطفة كما تساوون بين ضيفين عزيزين عليكم...لا تكرمون الواحد أكثر من الثاني، لأن الذي يعتني بالواحد ويهمل الآخر يخسر محبة الاثنين وثقتهما.
في الألم:
* إن ما تشعرون به من الألم هو انكسار القشرة التي تغلّف إدراككم...
* يجب أن تحطم الآلام قشوركم قبل أن تعرفوا معنى الحياة.
* لو استطعتم أن تعيروا عجائب حياتكم اليومية حقها من التأمل والتفكير، لما كنتم ترون آلامكم أقل غرابة من أفراحكم.. بل كنتم تقبلون فصول قلوبكم كما قد قبلتم فصول الحياة من حولكم..
* الكثير من آلامكم هو الجرعة الشديدة المرارة التي بواسطتها يشفي الطبيب الحكيم الساهر في أعماقكم أسقام نفوسكم المريضة...لذا آمنوا بطبيب نفوسكم، وثقوا بما يصفه لكم من الدواء الشافي، وتناولوا جرعته المرة بطمأنينة وسكينة.
في معرفة النفس:
* انكم تودون لو تعرفون بالألفاظ والعبارات ما تعلمونه بالأفكار والتأملات. وتتوقون إلى أن تلمسوا بأصابعكم جسد أحلامكم العلوي.
* إن الينبوع الكامن في أعماق نفوسكم سيتفجر يوما ويجري منحدرا الى البحر. ولكن حذار...لا تقل في ذاتك: "قد وجدتُ الحق" بل قل: "قد وجدت حقا"
في التعليم:
المعلم، إذا كان حكيما، فإنه لا يأمركم بأن تدخلوا بيت حكمته، بل يقودكم إلى عتبة فكركم وحكمتكم.
في الصداقة:
* إن صديقك هو كفاية حاجتك، هو حقلك الذي تزرعه بالمحبة وتحصده بالشكر، هو مائدتك -لأنك تأتي إليه جائعا-، هو موقدك -لأنك تسعى ورائه مستدفئا.
* فإذا بثّك صديقك فكره فلا تخش أن تصرّح له بما في فكرك من النفي أو الإيجاب.. وإذ صَمَتَ صديقك ولم يتكلم، فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه..
* وإذا فارقت صديقك فلا تحزن على فراقه، لأن الجبل يبدو للناظر من بعيد أوضح مما يظهر لمن يتسلقه..
* ولا يكن لكم في الصداقة من غاية ترجونها غير أن تزيدوا في عمق نفوسكم.
* وليكن أفضل ما عندك لصديقك. فإن كان يجدر أن يعرف جزر حياتك، فالأجدر بك ايضا أن تظهر له مدّها..
* ما قيمة صديقك الذي لا تطلبه إلا لتقضي معه ما تريد قتله من وقتك؟
* فاسع إلى الصديق الذي يحيي أيامك ولياليك.
في الكلام:
* أنتم تتكلمون عندما توصد دونكم أبواب السلام مع أفكاركم. وعندما تعجزون عن السكنى في وحدة قلوبكم، تقطنون في شفاهكم، فالصوت يلهيكم ويسليكم.
* إن منكم الذين أودع الحق في قلوبهم، ولكنهم يأبون أن يُلبسوه حلة اللفظ، وفي أحضان هؤلاء تقطن الروح في هدوء وسكون.
في الصلاة:
* إذا صليتِ، فأنتِ ترتفعين بروحك لكي تجتمعي في تلك الساعة بأرواح المصلين الذين لا تستطيعين أن تجتمعي بهم بغير الصلاة.. فلتكن صلاتكِ مدعاة للهيام السماوي والشركة الروحية السعيدة. قال تعالى: [وإن من شيء إلا يسبح بحمده]
الوداع
* لم أكن أسعى إلا الى إدراك سر أفراحكم والامكم.. ولم أكن اصطاد سوى ذواتكم الكبرى السائرة نحو السماء.. ولكن الصياد قد صار صيدا..لأن كثيرا من سهامي لم تترك قوسي إلا لكي ترتد إلى صدري!!
الوداع...
أهديت للقراء الليلة تلخيصي لكتاب "النبي" لجبران خليل جبران..استقيت منه أجمل ما تراءى لي منه، وتجاهلت ما ينكره ما أعرف من ديني وذوقي.. ولكم مني التحية§

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

أختي الغاليه

سهامك قد اصابت اهدافها في صدري وفجرت مراكز الفرحه والالم معا فلعلها الدواء لداءي ولعلها تطرد جيوش الهم الجاثمه فوق صدري.

ولك مني كل التقدير

منيرة

Happy Face يقول...

كلام أكثر من رائع و يجب قراءته و التأمل فيه أكثر من مره حتى تصيب السهام أهدافها مثل ما قالت الإخت منيرة في تعليقها على المدونة.
أحببت ما ذكرتيه جدا و خصوصا ما تم ذكره عن الصلاة و الصداقة.
وجدت ما كنت أبحث عنه..
بارك الله لك في علمك..