نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الخميس

كيف يفعل العاجز؟

    جلست اليوم مع أولادي، نناقش تفاعلنا مع قضية إخواننا في غزة، وتفاعل المجتمع.. ثم بحثنا في شعورنا بالعجز، وكيف نتغلب عليه، كيف نحس على الأقل بالتعاطف ولو الشكلي معهم؟
 
قلت: الله لما شرع لنا الصيام، أراد لنا نحن المترفون من عباده أن نعيش حالة - ولو صورية- من الجوع لفترة مؤقتة، نستشعر فيها حالة الجائع الحقيقي.
ليتنا- وقد أنعم الله علينا بالأمن والسعة -، ليتنا في هذه الظروف نساند إخواننا في مصابهم وحصارهم وحرمانهم، ليتنا نذيق أنفسنا بعض صور الحرمان - ولو الصوري- تضامنا معهم.
لا أقول نعيش الحرمان التام كما يعيشونه، فهم والله أقوى وأقدر منا على شظف العيش، قد رباهم الله تعالى على عينه، على مر سنين وسنين من الشتات والمعاناة، ليخرج منهم الطائفة التي سوف تحمل راية هذا الدين وقيادة هذه الأمة.
لست أقول نعيش حرمانهم، لكن لا أقل من أن نعيش "قلة" من التوسع.
ليتنا نقلل من توسعنا المفرط.
لتنظر كل واحدة منا إلى نقطة ضعفها التي تتوسع فيها، ولتضيق على نفسها شيئا فشيئا من قِبل هذه الزاوية أو هذه النقطة..لتذوق بعض طعم الرغبة حين لا يستجاب لها.
 
لنقلل من توسعنا في المأكل، ولنترك التنطع فيه.
لنقلل من توسعنا في حب الشراء والتملك والتنوع فيه.
لنقلل من توسعنا في اللهو والملذات وتفنن فيها.
لنقلل من انشغالنا بالدنيا وهم جمع المال.
ثم لنجعل ما وفرناه من مادة أو وقت في أمر يرضي الله،
ثم لنصمت الصوت المتمرد بداخلنا، والذي يطلب المزيد وما اعتاد على الرفض، ولنقل له: "كأني أكلت.. كأني اشتريت.. كأني ذهبت.. كأني امتلكت.. كأني تلذذت...كأني...."
 
على الأقل لتقول لربنا: يا رب! لم نقدر أن نفرج أونوسّع على إخواننا، فضيقنا على أنفسنا فيما نحب إكراما لضيقهم..وتضامنا مع معاناتهم
أليس هذا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام الرمادة، حين أصابت الجزيرة العربية المجاعة، فامتنع عن أكل اللحم، وضيق على نفسه، حتى تحول بياض بشرته إلى سواد؟!
ولنصبر أنفسنا ونثبتها ونذكرها بنصيحته صلى الله عليه وسلّم: "اخشوشنوا، فإن النعم لا تدوم."
 

ليست هناك تعليقات: