أهدي مدونتي اليوم، مقالة أعجبتني للأخت الغالية، أم المثنى حفظها الله تعالى:
في زيارتي الأخيرة للمدينة المنورة، على ساكنها وآله أفضل الصلاة والتسليم، اشتقت ان أزور مقبرة شهداء غزوة بدر، فقد مضت سنوات طويلة منذ آخر زيارة لي لها، تزيد على العشرين عاما، حتى بالكاد أذكر معالم المكان.
تبعد مقبرة بدر عن المدينة المنورة قرابة 170 كيل، وتستغرق الرحلة ساعتين بالسيارة على أكثر تقدير، وفي السنوات الأخيرة قامت قرية عامرة بالسكان بجوار مكان الغزوة، تسمى بقرية بدر.
الطريق لبدر يتميز بسلسلة جبال صخرية وعرة تمتد على جانبي الطريق...جبال تثير في نفسك الهيبة، وتشدك لتأمل ذاك الطريق باستغراق، إذ لا ترى بينها سوى شعب ضيقة لا تسمح بالمرور خلالها غالبا إلا لشخص واحد أو اثنين. تأملت الطريق وتخيلت بذهني صورة الجيش المبارك الذي قاده الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله عبر تلك الجبال الشاهقة ليقاتل به المشركين.
ما رأيكم ان نقوم بتجربة حية فننضم لذلك الجيش المبارك ونستشعر ما مر به من ظروف صعبة في تلك الغزوة التي ضمت ثلاثمائة صحابي منهم الراكب على ناقته أو بغلته ومنهم السائر على قدميه. أما الراكب الذي تتأرجح به دابته فوق تلك الارض الصخرية فيحتاج قبلها الى تدريب يومي مستمر على سرج إضافي في بيته كي يعتاد جسده الجلوس على ظهر الدابة، وإلا تعرض لتقرحات شديدة قد تمنعه من مواصلة السفر. أما السائر فغالبا لن تجد صحابيا ينتعل حذاء، فالحذاء ترف مادي لم يعرفه أغلب أهل ذلك العصر! فهل لكم أن تتخيلوا معي مشقة السير بأقدام حافية فوق تلك الصخور الحادة تحت تلك الشمس اللاهبة؟! ثم ماذا عن زاد الجيش وتموينه؟ وهل هناك غير التمر المجفف غالب قوت جزيرة العرب؟ أما الماء الذي يحملونه في القرب فهو لبل الشفتين فقط وليس لري الظمأ!
ها قد مرت بنا ساعة كاملة ونحن نسيرمع الجيش المبارك الذي يتدافع أفراده لنيل الشهادة، أما نحن ..المرافقون الوهميون فقد بلغ منا التعب مبلغه، ورحنا نتأفف من شدة الحر، وسرعان ما أعلنت السيقان والاقدام منا العصيان، فمن اعتاد عيشا مترفا لا يقوى على احتمال السير ساعات طوال فوق الطرق المرصوفة فكيف بالطرق الجبلية الوعرة!
عذرا يا صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنحن مضطرون للتخلف عن ركبكم المبارك.. عذرا فما اعتدنا شظف الحياة الذي اعتدتموه أنتم الزهاد والعباد حقا فلله دركم .. لله دركم .
طافت كل تلك الصور بذهني، وانسابت دمعة على خدي. ذكرت ما حكاه لي ولدي يوما أن مدرّسهم سأل الطلبة عن الزمن الذي يتمنون لو انهم عاشوا فيه، فجاءت الإجابات تترى بأنه زمن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم..
تبعد مقبرة بدر عن المدينة المنورة قرابة 170 كيل، وتستغرق الرحلة ساعتين بالسيارة على أكثر تقدير، وفي السنوات الأخيرة قامت قرية عامرة بالسكان بجوار مكان الغزوة، تسمى بقرية بدر.
الطريق لبدر يتميز بسلسلة جبال صخرية وعرة تمتد على جانبي الطريق...جبال تثير في نفسك الهيبة، وتشدك لتأمل ذاك الطريق باستغراق، إذ لا ترى بينها سوى شعب ضيقة لا تسمح بالمرور خلالها غالبا إلا لشخص واحد أو اثنين. تأملت الطريق وتخيلت بذهني صورة الجيش المبارك الذي قاده الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله عبر تلك الجبال الشاهقة ليقاتل به المشركين.
ما رأيكم ان نقوم بتجربة حية فننضم لذلك الجيش المبارك ونستشعر ما مر به من ظروف صعبة في تلك الغزوة التي ضمت ثلاثمائة صحابي منهم الراكب على ناقته أو بغلته ومنهم السائر على قدميه. أما الراكب الذي تتأرجح به دابته فوق تلك الارض الصخرية فيحتاج قبلها الى تدريب يومي مستمر على سرج إضافي في بيته كي يعتاد جسده الجلوس على ظهر الدابة، وإلا تعرض لتقرحات شديدة قد تمنعه من مواصلة السفر. أما السائر فغالبا لن تجد صحابيا ينتعل حذاء، فالحذاء ترف مادي لم يعرفه أغلب أهل ذلك العصر! فهل لكم أن تتخيلوا معي مشقة السير بأقدام حافية فوق تلك الصخور الحادة تحت تلك الشمس اللاهبة؟! ثم ماذا عن زاد الجيش وتموينه؟ وهل هناك غير التمر المجفف غالب قوت جزيرة العرب؟ أما الماء الذي يحملونه في القرب فهو لبل الشفتين فقط وليس لري الظمأ!
ها قد مرت بنا ساعة كاملة ونحن نسيرمع الجيش المبارك الذي يتدافع أفراده لنيل الشهادة، أما نحن ..المرافقون الوهميون فقد بلغ منا التعب مبلغه، ورحنا نتأفف من شدة الحر، وسرعان ما أعلنت السيقان والاقدام منا العصيان، فمن اعتاد عيشا مترفا لا يقوى على احتمال السير ساعات طوال فوق الطرق المرصوفة فكيف بالطرق الجبلية الوعرة!
عذرا يا صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنحن مضطرون للتخلف عن ركبكم المبارك.. عذرا فما اعتدنا شظف الحياة الذي اعتدتموه أنتم الزهاد والعباد حقا فلله دركم .. لله دركم .
طافت كل تلك الصور بذهني، وانسابت دمعة على خدي. ذكرت ما حكاه لي ولدي يوما أن مدرّسهم سأل الطلبة عن الزمن الذي يتمنون لو انهم عاشوا فيه، فجاءت الإجابات تترى بأنه زمن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم..
ايه...إنها أماني سرعان ما تصطدم بأرض الواقع! فنحن اليوم لا نأل جهدا في توفير كافة سبل الراحة لنفوسنا التي أفسدتها ألوان الترف المتعددة حولها، فصارت لا تقبل عنها بديلا، وها هي فريضة الحج التي نؤديها كل عام شاهد حي على مدى ولعنا بحياة الرفاهية التي ما عدنا نقبل بما هو دونها، ومع كل ذلك الترف ما زلنا نسمع شكاوى النساء المستمرة من مشقة الحج، وما فتئن يطالبن بالمزيد والمزيد من صور الراحة والترف، التي راح أصحاب الحملات يتفنون في توفيرها، فلا تحظى جهودهم إلا باليسير من العرفان.
أيمكن بعد هذا أن يدعي أحدنا أنه جاء بأفضل مما جاء به صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟؟؟
تخيلت لو أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم جاؤوا يوم القيامة بكل ما قاسوه من شظف العيش - وليس ما قاموا به من جهاد وعبادة وزهد - وجئنا نحن بكل ما تمرغنا فيه من رغد العيش، فما عسانا قائلون لربنا؟
--
سعاد الولايتي
أيمكن بعد هذا أن يدعي أحدنا أنه جاء بأفضل مما جاء به صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟؟؟
تخيلت لو أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم جاؤوا يوم القيامة بكل ما قاسوه من شظف العيش - وليس ما قاموا به من جهاد وعبادة وزهد - وجئنا نحن بكل ما تمرغنا فيه من رغد العيش، فما عسانا قائلون لربنا؟
--
سعاد الولايتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق