روى الإمام مسلم أنَّ أبا سفيان أتى إلى سلمان الفارسي وصهيب وبلال الحبشي في نفر ، فقالوا : "ما أخذت سيوف الله من عنق عدوِّ الله مأخذها" يقصدون أبو سفيان . فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريشٍ وسيّدهم !! فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبره . فقال : يا أبا بكر لعلّك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك . فأتاهم سيّدنا الصدّيق فقال : يا إخوتي أغضبتكم ؟ قالوا: لا .. يغفر الله لك يا أخي .
سلمان الفارسي ، وصهيب الرومي ، وبلال الحبشي قالوا : ما أخذت سيوف الله من عدوِّ الله مأخذها .. وأبو سفيان سيّد قريش وزعيم مكّة ، وهؤلاء يقولون عنه ما قالوا ، فسيِّدنا الصدّيق ما رأى في هذا القول حكمةً ، فقد فتحت مكّة وانتهى الأمر وأسلم أبو سفيان، وقال النبي : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، وهؤلاء ذكّروه بعداوته القديمة فلم يرض الصديق أن يقولوا هذا عنه ، فقال لهم : أتقولون هذا لشيخ قريشٍ وسيّدهم !! كأنّه عنّفهم .. وقد استنبط العلماء من هذا الحديث : أنّ الفقير له عند الله شأن كبير .
إذا أغضبت فقيراً فكأنّما أغضبت ربّك ، فالله قد أفقره لحكمةٍ يريدها ولو شاء لجعله غنيّاً..
لذلك قال العلماء لو كان هناك دعوة والمدعو لها عشرون شخصاً ، والموعد الساعة الثالثة ، وفي الثالثة والنصف أحد المدعوّين لم يأتِ ، يا ترى أنأكل أم ننتظره ، فماذا نفعل ؟ وما الحكم الشرعي ؟ وهذا يحدث مع كلّ الناس فما العمل ؟ نأكل أم ننتظر ؟
والعلماء قالوا : الحكم الشرعي هو : إذا كان هذا المتأخّر فقيراً ينبغي أن ننتظره ، أمّا إذا كان غنياً فنأكل ولا ننتظر .
فإذا كان فقيراً وأكلنا قبله فسيشعر بنقص ، ويُجرح ، أمّا إذا كان شخصاً من مستوى الحضور يقولون له : فلماذا تأخّرت يا أخي فنحن أكلنا . وهذا هو الحكم الشرعي أورده الإمام الغزالي ، إذا كان المتأخّر فقيراً ينبغي أن ننتظره جبراً له.
ملاحظة حين الذهاب للمطاعم
(( إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بالقدر الذي يسع فقراءهم ، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا إلا بما يصنع أغنياؤهم ، ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديدا ، ويعذبهم عذاباً أليما ))
[ من الدر المنثور عن علي ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق