نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الثلاثاء

شأن الفقير عند الله عز وجل كبير جدا

 روى الإمام مسلم أنَّ أبا سفيان أتى إلى سلمان الفارسي وصهيب وبلال الحبشي في نفر ، فقالوا : "ما أخذت سيوف الله من عنق عدوِّ الله مأخذها" يقصدون أبو سفيان . فقال أبو بكر :  أتقولون هذا لشيخ قريشٍ وسيّدهم !! فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبره . فقال : يا أبا بكر لعلّك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك . فأتاهم سيّدنا الصدّيق فقال : يا إخوتي أغضبتكم ؟ قالوا: لا .. يغفر الله لك يا أخي .

سلمان الفارسي ، وصهيب الرومي ، وبلال الحبشي قالوا : ما أخذت سيوف الله من عدوِّ الله مأخذها .. وأبو سفيان سيّد قريش وزعيم مكّة ، وهؤلاء يقولون عنه ما قالوا ، فسيِّدنا الصدّيق ما رأى في هذا القول حكمةً ، فقد فتحت مكّة وانتهى الأمر وأسلم أبو سفيان، وقال النبي : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، وهؤلاء ذكّروه بعداوته القديمة فلم يرض الصديق أن يقولوا هذا عنه ، فقال لهم : أتقولون هذا لشيخ قريشٍ وسيّدهم !! كأنّه عنّفهم .. وقد استنبط العلماء من هذا الحديث : أنّ الفقير له عند الله شأن كبير .

 

إذا أغضبت فقيراً فكأنّما أغضبت ربّك ، فالله قد أفقره لحكمةٍ يريدها ولو شاء لجعله غنيّاً..

 

لذلك قال العلماء لو كان هناك دعوة والمدعو لها عشرون شخصاً ، والموعد الساعة الثالثة ، وفي الثالثة والنصف أحد المدعوّين لم يأتِ ، يا ترى أنأكل أم ننتظره ، فماذا نفعل ؟ وما الحكم الشرعي ؟ وهذا يحدث مع كلّ الناس فما العمل ؟ نأكل أم ننتظر ؟

والعلماء قالوا : الحكم الشرعي هو : إذا كان هذا المتأخّر فقيراً ينبغي أن ننتظره ، أمّا إذا كان غنياً فنأكل ولا ننتظر .

فإذا كان فقيراً وأكلنا قبله فسيشعر بنقص ، ويُجرح ، أمّا إذا كان شخصاً من مستوى الحضور يقولون له : فلماذا تأخّرت يا أخي فنحن أكلنا . وهذا هو الحكم الشرعي أورده الإمام الغزالي ، إذا كان المتأخّر فقيراً ينبغي أن ننتظره جبراً له.

ملاحظة حين الذهاب للمطاعم

(( إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بالقدر الذي يسع فقراءهم ، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا إلا بما يصنع أغنياؤهم ، ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديدا ، ويعذبهم عذاباً أليما ))

[ من الدر المنثور عن علي ]

 و قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (يا عائشة أكرمي جوار نعم الله ، فإنّ النعمة إذا نفرت قلّما تعود .)
 
إن قانون البلدية يفرض على المطاعم أن رمي الطعام بعد المتبقي بعد كل زبون، ولا تسمح له بوزيعه على الفقراء خوفا من انتشار أوبئة من طعام ملوث، لكنها لا تمنع من أن يطلب الزبون بقية طعامه أن يوضع له في طبق قصدير ليأخذه.
فليضع الواحد منا هذا الاعتبار في ذهنه حين الخروج للمطعم، فإما أن يحرص على ألا يطلب ما قد يفيض من طعامه فيتسبب بإلقاء نعمة الله تعالى مع القاذورات، وإما أن يأخذ ما تبقى من طعامه فيوزعه على فقراء الطريق.

 



ليست هناك تعليقات: