نظرا لانشغالي بأولويات حياتي، ورغبتي في التفرغ للأهم منها، فإني أعتذر عن الاستمرار في الكتابة في المدونة، شاكرة كل من ساهم وشارك وقرأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأربعاء

محاسبة المجتمع بمفهوم حديث السفينة


قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:((مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا علىسفينه فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكو جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا)) [أخرجه البخاري عن النعمان بن ثابت]

يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم المجتمع بالسفينة. الناس في سفينة المجتمع توزعوا على طبقتين بأساس من القرعة، كناية عن إعطاء فرص متكافئة للجميع، بحيث لا تكون المقاعد العليا حكرا على أرباب المال والمتنفذين.
أما الطبقة السفلى في سفينة المجتمع - وهي القاعدة الأعرض والأوسع- كناية عن الطبقة العريضة والأكثر من الناس.
إننا نجد أن الطبقة العليا هنا حيث مقود المجتمع، قد ضمت النخب من الناس، القائمين ضمن حدود الله، الذين لا يسمحون بأي خرق لأنهم على علم ودراية بقانون الله في الطفو وعاقبة مخالفته.. وفي هذا إشارة أن سمو المكانة والرفعة وقيادة دفة المجتمع هو من نصيب الفئة العالمة المدركة بقوانين وسنن الله تعالى وعواقب اختراقها، والتي تراقب بانتباه وحذر مؤشرات الاستقرار والسلامة في سفينة المجتمع؛ ليس بذات من حب الذات ونزعة البقاء فحسب، بل بدافع من حب الآخر والحرص على المصلحة العامة.

والسفينة تبحر بالناس على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم وأوضاعهم الاجتماعية في لجة مياه واحدة - كناية عن هموم وأفراح مشتركة- نحو وجهة ومصير واحد، وعلى جميع من فيها أن يتعايشوا بسلام، إذ أن ما يربط الكل هو الحاجة إلى الماء.. سر الحياة.

ولكن عندما تقع القاعدة العريضة من الناس في آفة الجهل بقانون الله ونظامه الثابت، وتعمد- ولو بحسن نية (فهم لا يودون إيذاء من فوقهم) فتعمد إلى خرق قانون الله والسير عكس نظامه؛ عندها يغرق كل الناس.
أما إذا عمد القائمون في حدود الله إلى الأخذ على أيديهم بالحكمة والموعظة الحسنة، عندها كل من في السفينة ينجو ويربح.

إن العالم اليوم أشبه بقرية كونية تسبح في ملكوت الله، وسفينة الارض اليوم تخوض اليوم غمار لجة أمواج عاتية ورياح شديدة عاصفة، ومصير كل البشرية مرتبط بذات الوجهة؛ فإن هم أبحروا عكس التيار غرقوان وإن ساروا بتناغم مع نظام الله نجوا. ويبقى قانون الله في الدفع،
{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}
دفع من يراقب مؤشرات السلامة والاستقرار في سفينة الارض مقابل من يدفع بها إلى الغرق بدافع من جشعه وإصابته بوباء {التكاثر} - والنتيجة تحسم لصالح اقوى الفريقين دفعا.....
مقتبس من كتاب: حمى الاستهلاك، لسحر سهيل المهايني العظم.

ليست هناك تعليقات: